المرتبة 86 عالميًا.. كيف حقق المغرب تقدمًا في الحرية الاقتصادية وما العقبات المتبقية؟

شارك هذه المقالة مع أصدقائك!

شكؤا متابعينا الكرام لمتابعتكم خبر عن المرتبة 86 عالميًا.. كيف حقق المغرب تقدمًا في الحرية الاقتصادية وما العقبات المتبقية؟

في خضم عالم يموج بالأزمات الجيوسياسية والضغوط الاقتصادية المتزايدة، يكشف “مؤشر الحرية الاقتصادية لعام 2025” الصادر عن مؤسسة “هيريتاج” الأمريكية عن صورة معقدة للاقتصاد العالمي ومواقع الدول فيه.

وبينما يرصد التقرير تحولات بنيوية عميقة في مسارات التنمية، يبرز المغرب كحالة تستحق الدراسة المتأنية.

فقد حققت المملكة تقدماً ملحوظاً في المؤشر، لتصنف ضمن الاقتصادات “الحرة إلى حد ما” بعد حصولها على 60.3 نقطة مقابل 56.8 نقطة في العام السابق.

هذا التحسن مكّن المغرب من احتلال المرتبة 86 عالمياً من بين 184 دولة، والسابع إقليمياً في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، متجاوزاً بذلك المتوسطين الإقليمي والعالمي.

يعكس هذا التقدم جهوداً حثيثة تبذلها المملكة من خلال تبني حزمة من الإصلاحات الاقتصادية والإدارية. تهدف هذه الإصلاحات إلى تحفيز القطاع الخاص، تهيئة مناخ استثماري جاذب، وتوسيع القاعدة الإنتاجية للاقتصاد الوطني.

وقد تجسد ذلك في تحسن ملحوظ في مؤشرات التنافسية وحرية ممارسة الأعمال، بالإضافة إلى الحفاظ على استقرار نسبي في المؤشرات النقدية الأساسية كالتضخم وأسعار الصرف.

هذه العوامل مجتمعة ساهمت في تعزيز قدرة الاقتصاد المغربي على استيعاب الصدمات الخارجية والداخلية.

إلا أن التقرير لا يغفل الإشارة إلى هشاشة هذا التقدم، مؤكداً على ضرورة تعزيزه بإصلاحات هيكلية أعمق. وتشمل هذه الإصلاحات مجالات حيوية كالبنية القضائية، ونظام الوظيفة العمومية، وتكريس مبادئ الشفافية، ومكافحة الفساد الإداري والمالي. تُعد هذه التحديات الهيكلية عوائق رئيسية أمام تحقيق إقلاع اقتصادي متين ومستدام.

في محور سيادة القانون، يُظهر أداء المغرب تبايناً واضحاً. فبينما يسجل تقدماً نسبياً في حماية حقوق الملكية، مما يعكس الجهود المبذولة لتوفير الحماية القانونية للعقارات والاستثمارات، لا تزال فعالية النظام القضائي دون المتوسط العالمي.

كما أن مؤشر النزاهة الحكومية يعاني من ضعف ملحوظ، مما يشير إلى استمرار مظاهر الرشوة والمحسوبية، وضعف آليات الرقابة. هذه الاختلالات تعيق تكافؤ الفرص وتحد من قدرة البلاد على جذب استثمارات أجنبية نوعية في القطاعات ذات القيمة المضافة العالية.

يشير التقرير إلى أن العبء الضريبي في المغرب يعتبر متوسطاً، إلا أن النفقات العمومية المرتفعة أدت إلى تفاقم العجز المالي وارتفاع الدين العمومي.

و يضع هذا الوضع المملكة أمام تحدي الحفاظ على توازناتها المالية دون المساس بالإنفاق الاجتماعي والاستثماري، خاصة في ظل ارتفاع تكاليف المعيشة وتزايد النفقات المرتبطة بالتغير المناخي.

على صعيد كفاءة الأداء التنظيمي، تعتبر بيئة الأعمال في المغرب مؤسساتية نسبياً، لكنها تعاني من بطء التنفيذ وتعقيد الإجراءات. ورغم الأداء الجيد في حرية ممارسة الأعمال، يظل سوق الشغل مقيداً، مما يحد من خلق فرص عمل لائقة ويساهم في استمرار هشاشة سوق العمل.

يحتفظ المغرب بموقع جيد نسبياً في الانفتاح على الأسواق، مع معاملة متساوية للمستثمرين الأجانب والمحليين، مما ساهم في جذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة. كما يشهد القطاع المالي نمواً مستقراً وتنوعاً في خيارات التمويل.

حقق المغرب معدل نمو إيجابياً، لكنه لم ينعكس بشكل كافٍ على التشغيل، حيث لا يزال معدل البطالة مرتفعاً. كما أن معدل التضخم يشكل ضغطاً على القدرة الشرائية للمواطنين.

يخلص التقرير إلى أن المغرب يقف عند مفترق طرق في مسار إصلاحاته الاقتصادية. فبالرغم من التحسن في المؤشر، لا يزال يتعين على المملكة مواصلة وتعميق الإصلاحات الهيكلية لتعزيز الثقة في الاقتصاد الوطني وتحقيق تنمية مستدامة وشاملة.

يتطلب ذلك تقوية المؤسسات، وتبسيط الإجراءات، وتحسين الحكامة، وتوجيه الاستثمارات نحو القطاعات ذات القيمة المضافة العالية، مع استباق التحولات العالمية المتسارعة.

إن مؤشر الحرية الاقتصادية يمثل أداة مهمة لتقييم جودة المؤسسات والسياسات، ومدى قدرة المغرب على بناء نموذج اقتصادي أكثر حرية، إدماجاً، وقدرة على مواجهة تحديات المستقبل.

 

 

 

< a href="https://news.twaslnews.com/%D8%AF%D9%8A%D8%AA%D8%A7%D9%81%D9%88%D8%B1/100807/">

‫0 تعليق

اترك تعليقاً