حارة برجوان.. تراث معمارى يزين قلب القاهرة

شارك هذه المقالة مع أصدقائك!

شكؤا متابعينا الكرام لمتابعتكم خبر عن حارة برجوان.. تراث معمارى يزين قلب القاهرة

عاش فيها المقريزى ونشأ بها عبد الوهاب..
عــرفت بهـذا الإسـم نسبـة إلـى الأمير أبو الفتوح برجوان الخادم وزير الخليفة الفاطمى

فى أعماق القاهرة التاريخية، تزهو إحدى الحارات التى تعكس عبق الماضى وثراء التاريخ، هى ليست مجرد جزء من نسيج المدينة القديمة، بل شهادة حية على تطور القاهرة عبر العصور خاصة مع احتضانها لمجموعة معمارية إسلامية فريدة.

تقع “حارة برجوان” فى حى الجمالية والذى يعد من أقدم وأعرق أحياء القاهرة عاصمة مصر ويتمتع بشهرة تاريخية وعالمية لأنه مجمع لتراث القاهرة منذ أكثر من ألف عام، ففيه الجامع الأزهر وجامع الحاكم بأمر الله وجامع الأقمر وغيرها، وفيه أسوار القاهرة وأبوابها مثل باب زويلة وباب الفتوح وباب النصر، وفيه المدارس الأيوبية والمملوكية وخان الخليلى والصاغة والنحاسين.

وهنـاك رأيـان فــى سبب تسمية هذا الحى بالجمـاليـة، الأول يفيـد بــأنــه منسوب إلـــى الأميــر بدر الدين الجمالى وزير الخليفة المستنصر بالله الفاطمى الــذى بنى الأسوار ذات الأبواب الحجــرية حـول القـاهرة بعد أن تهدمت أسوار جوهر الصقلى.

 والرأى الثانى يفيد بأن أصل التسمية يعود إلى بناء الأمير جمال الدين الاستادار فى العصر المملوكى الجركسى وتحديدا فى عام 811 هجرية الموافق عام 1409م مدرسته الشهيرة المسماة المدرسة الجمالية، والتى كانت من أعظم مدارس القاهرة فى هذه المنطقة، رغم أن السلطان فرج بن برقوق استبدل اسمها من المدرسة الجمالية إلى المدرسة الناصرية إلا أن العامة ظلوا يسمون المنطقة بالاسم الأول لتلك المدرسة وهو الجمالية.

ويذخر الحى بالكثير من الآثار التى لها تاريخ إسلامى فيكفى أن فيه شارع المعز لدين الله الفاطمى، ويحتوى على كثير من الآثار الإسلامية التى يأتى إليها السياح من جميع أنحاء العالم، ويعد متحفا مفتوحا ذاخرا بعبق التاريخ.

 وتتفرع حارة برجوان من شارع المعز لدين الله الفاطمى وتمتد حتى تنتهى من الناحية الغربية بحارة الشعرانى التى نشأ بها الموسيقار محمد عبد الوهاب، وكان موقع هذه الحارة فى العصر الفاطمى بالقرب من الميدان المجاور للقصر الغربى الصغير الذى كان يتوج المنطقة ويعرف بحى الخرتشف، وقد تم تحريف الاسم ليصبح الآن لدى العامة الخرنفش وهذه الكلمة كانت تطلق على مادة تتحجر وكانت تستعمل مع الجير كمونة للبناء، وقد استخدمها الخليفة العزيز بالله فى بناء القصر الغربى المشار إليه لذا عرف الشارع باسمها.

عرفت هذه الحارة بهذا الاسم نسبة إلى الأمير أبو الفتوح برجوان الخادم وزير الخليفة الفاطمى الحاكم بأمر الله، وكان قد تربى فى قصر الخليفة العزيز بالله، والذى ولاه أمر القصور وبعد وفاته فى عام 996م قام برجوان بأخذ البيعة للحاكم بأمر الله وكان صبيا صغيرا عمره 11 عاما، وارتقى آنذاك برجوان إلى منصب الوساطة، وأصبح متولى الأمر ومدبر المملكة، وعظم نفوذه ثم تولى شئون الدولة كلها وكون لنفسه طائفة خاصة من الجند والمماليك، وسرعان ما جنح للطغيان والاستبداد فكان يعتبر نفسه الخليفة الحقيقى، وصار يستصغر خليفته الحاكم بأمر الله، وفضلا عن ذلك تلطَف بابن عمار شيخ كتامة ومنحه إقطاعاته التى كانت له من قبل واشترط عليه الطاعة، وكذلك استمال إليه المغاربة أيضا، كما أنه استغل منصبه فى تكوين ثروة ضخمة، هذا بالإضافة إلى انشغاله باللهو والملذات وحب الغناء مما أدى إلى انصرافه عن شئون الدولة التى تعطلت وفسدت من جراء ذلك.

ونسى برجوان أن الحاكم بأمر الله كان قد جاوز سن الصبا، ودخل مرحلة الشباب وصار متنبها إلى استبداد برجوان وتغلبه عليه، ومن ثم قام الحاكم بتدبير مؤامرة لقتله، ثم قام بعد ذلك بالتخلص من رجال برجوان فى الجيش والقصر، كما أنه أعد كمينا لشيخ كتامة ابن عمار بأن حرض عليه بعض أنصاره الذين قتلوه ثم أفنى الحاكم أعوانه من شيوخ.

وبذلك تمكن الحاكم بأمر الله من استرداد سلطانه والتخلص من كل المنافسين والسيطرة على كل مقاليد الحكم، وقد أظهر بعد ذلك تقشفا وزهدا على عكس أسلافه، إذ أخرج من قصره جماعة من حظاياه، وأعتق سائر مماليكه من الإناث والذكور، وملكهم أمر نفوسهم والتصرف فيما يملكونه واقتنوه منه ومن أبيه، كما أنه انتقل تدريجيا من الملابس المذهبة على عادة آبائه إلى ملابس خشنة من الصوف، كما أنه خفف من الإسراف الذى كان يحدث فى الاحتفالات بالمناسبات المختلفة، وكان شديدا فى التعامل مع رجال دولته، وكان يحاسبهم بشدة إذا أخطأوا، كما أنه اعتمد على نظر المظالم بنفسه لتطهير دولته من الفساد .

ويرجع تاريخ حارة برجوان إلى وجود دار أمير الجيوش فى عهد الخليفة الفاطمى المستنصر بالله بدر الدين الجمالى وبها مدفنه، وبعد الجمالى عاش فى نفس الدار، ولديه جعفر والأفضل ودفنوا بها، ولم يبق من تلك الدار سوى زاوية يقال لها زاوية جعفر، كما سكنها المؤرخ المشهور تقى الدين أحمد بن على المقريزى، وقد جدد بوابتها الأمير سليمان أغا السلحدار عام 1829م أيام الوالى محمد على وعليها لافتة باسم سكة برجوان، وكانت هذه البوابة قديما تغلق على سكانها بعد صلاة العشاء بواسطة البواب الموكل له هذا الأمر، كما يوجد بالحارة آثار أهمها بوابة برجوان وجامع ومدرسة أبو بكر مزهر، والتى تعد واحدة من أجمل المدارس المملوكية الجركسية، وزاوية نور الدين جولاق، وهى من العصر المملوكى الجركسى، ويقال إنه كان فيها أيضا مدفن ابن بدر الجمالى أيضا، والذى تم هدمه وبنى عليه مسجدا صغيرا، وكان فيها أيضا قصر لوالى مصر ما بين عام 1848م وعام 1854م عباس باشا الأول، وقد تم هدمه ومكانه حاليا مدرسة ثانوى صناعى ومساكن شعبية من حقبة الخمسينات من القرن العشرين.

من أهم معالم الحارة مجموعة سليمان أغا السلحدار، والتى تطل من الجهة الجنوبية الغربية والشمالية الغربية عليها بينما تطل بواجهتها الرئيسية الجنوبية الشرقية على شارع المعز لدين الله.

 فى السينما

فى عام 1989م ظهر فيلم سينمائى يحمل اسمها، “حارة برجوان” ولعبت بطولته حينها نبيلة عبيد ويوسف شعبان وحمدى غيث، كتبه إسماعيل ولى الدين وأخرجه حسين كمال، وتدور قصته حول زينات – وجسدت الشخصية نبيلة عبيد – المطلقة التى تدفعها الظروف للعمل فى مصبغة، ويعتدى عليها مديرها مدحت “يوسف شعبان” ويتخلى عنها، ثم يعجب بها صاحب المصبغة حمدى غيث، ويغتصبها هو الآخر وتحمل منه، ويستغل حـاجة الطالب حسن “أحمد عبد العزيز” للمال ويتفق معه على الزواج منها على أن يطلقها بعد الولادة.

الفيلم أخذ فقط من اسم الحارة كونها حارة شعبية وما بها من تفاعل العلاقات الإنسانية بين سكانها، دون أن يتطرق بشكل أو آخر إلى أنه مكان أثرى له رصيد من التاريخ.

ويقال إن الحاره كان فيها مدفن ابن بدر الجمالى أمير الجيوش وتم هدمه وبنى عليه جامع صغير، ويقال أيضا إنه كان بها البيت الذى عاش فيه المقريزى وهو مؤرخ مصرى شهير لكن تم هدمه.

وتنتهى حارة برجوان من الجهة الغربية بحارة الشعرانى، وهى الحارة التى نشأ فيها المطرب وموسيقار الأجيال محمد عبد الوهاب.

 تجديد بوابة الحارة

تم تجديد بوابة الحارة على يد الأمير سليمان أغا السلحدار عام 1829م، ونجد على البوابة لافتة بعنوان “سكة برجوان”، وكانت قديما تغلق تلك البوابة على سكانها بعد صلاة العشاء بواسطة الحارس الموكل إليه هذا الأمر، والحارة مدرجه فى قائمة الآثار التابعة لمنطقة شمال القاهرة.

‫0 تعليق

اترك تعليقاً