يفغيني بريغوجين زعيم «فاغنر»… «طباخ الكرملين» بلا مستقبل سياسي في روسيا

شارك هذه المقالة مع أصدقائك!

شكرا لقراتكم خبر عن يفغيني بريغوجين زعيم «فاغنر»… «طباخ الكرملين» بلا مستقبل سياسي في روسيا

يفغيني بريغوجين زعيم «فاغنر»… «طباخ الكرملين» بلا مستقبل سياسي في روسيا

فرض يفغيني بريغوجين، رئيس مجموعة «فاغنر» الروسية المسلحة، نفسه على اهتمام دوائر الفكر وصناعة القرار داخل روسيا وخارجها، بفضل الدور الكبير الذي تلعبه مجموعته في الحرب الروسية ضد أوكرانيا، وهجومه المستمر على دوائر النخبة الروسية بما في ذلك قادة المؤسسة العسكرية.

رئيس مجموعة «فاغنر» يفغيني بريغوجين (أ.ف.ب)

وفي تحليل نشره موقع مؤسسة «كارنيغي للسلام الدولي»، قال المحلل السياسي الروسي أندري فالديميروفيتش كولسينكوف، إن بريغوجين هو أكثر من يمثل الجوهر المعادي للنخبة السياسية الشعبوية، الذي عُرف سابقاً بلقب «طباخ بوتين» بصفته مالكاً لسلسلة مطاعم وشركات غذائية تورّد الطعام للكرملين، ثم اشتهر حالياً برئاسته لمجموعة «فاغنر» المسلحة سيئة السمعة.

بريغوجين يقدّم الطعام لبوتين في مطعم خارج موسكو عام 2011 (أ.ب)

وجعل رجل الأعمال الروسي من «العملية الخاصة» ضد أوكرانيا والتي يرى أنها حرب شاملة، الدعامة الأساسية لهويته، ووسيلة للاصطفاف مع الروس العاديين وليست مؤسسات الحكم بما في ذلك وزارة الدفاع. وعندما أعلنت وزارة الدفاع الروسية مؤخراً ضرورة توقيع جميع المقاتلين المتطوعين إلى جانب روسيا على عقود رسمية مع الوزارة، سارع بريغوجين بإعلان رفض توقيع رجال «فاغنر» على هذه العقود، قائلاً إنها لن تؤدي إلا إلى إضعاف كفاءة شركته العسكرية الخاصة.

رئيس مجموعة «فاغنر» يفغيني بريغوجين يقف أمام مجموعة من مقاتليه وسط الحرب الروسية – الأوكرانية (رويترز)

ويقول بريغوجين إن السياسيين الروس هم الذين بدأوا «العملية العسكرية الخاصة»، وهو الاسم الرسمي الذي تطلقه روسيا على غزو أوكرانيا، لكنهم أصبحوا عاجزين عن إتمام ما بدأوه. والآن فإن القطاع الذي يمثله بريغوجين نفسه هو القادر على تحقيق الانتصار وإنهاء القتال.

ويقول كولسينكوف الذي عمل نائباً لرئيس تحرير صحيفة «نيويورك تايمز» الأمريكية، في تحليله إن زعيم مجموعة «فاغنر» المسلحة يعد زعيماً بازغاً يخاطب الشعب دون وسطاء، كما كان يفعل الزعيم الشعبوي والقائد الحقيقي الذي وصفه المفكر السياسي الألماني كارل شميت في ثلاثينات القرن العشرين.

المقر الرئيسي لـ«فاغنر» في سانت بطرسبرغ (إ.ب.أ)

لكن المشكلة الآن تكمن في وجود زعيم آخر لروسيا من نفس النوعية وهو الرئيس فلاديمير بوتين. ورغم أن الأخير لا يتجول بين الخنادق على جبهات القتال ولا يظهر في لقطات مصورة إلى جوار جثث المقاتلين القتلى كما يفعل بريغوجين، فإن ادعاءه الزعامة ينطلق من اتصاله المباشر والبدهي مع «الشعب».

في الوقت نفسه فإن بريغوجين يتحرك في مساحة مليئة بالتناقضات. فهو يرسل باستمرار رسائل مناوئة للنخبة وللمؤسسة الحاكمة إلى الشعب، في حين أنه، ومثل كل أفراد الأوليغاركية الروسية، مدين بكل ما حققه من ثروة ونفوذ لعلاقاته مع السلطة وتعاقداته مع الحكومة.

يفغيني بريغوجين يريد أن يمنح نفسه ومرتزقته التابعين لشركة «فاغنر» استراحة بعد المعركة المكلفة للغاية في مدينة باخموت بشرق أوكرانيا (رويترز)

ورغم تزايد حضور بريغوجين الشعبي وخطابه الشعبوي، فإن وجود هذا الرجل حليق الرأس سيستمر ما دام مفيداً للرئيس بوتين ومغامراته الغريبة ممتعة لرأس الدولة.

وحتى جولة بريغوجين في روسيا تحت عنوان «فاغنر: جبهة ثانية» تمثل محاكاة كاريكاتورية لشخصية شعبوية روسية أخرى وهي الزعيم المعارض المحبوس ألكسي نافالني. وأصبح بريغوجين شخصية معروفة بشكل متزايد، لكن بالنسبة لأغلب الشعب الروسي، فإن السياسي هو ذلك الشخص الذي يعينه بوتين للقيام بدور سياسي محدد، أو يرأس جهة رسمية، كحزب أو إحدى مؤسسات السلطة.

وبالنسبة إلى الروس العاديين الذين لم يتابعوا التحول السياسي لهذا الرجل، فإنهم لا يعرفون بشكل واضح من هو بريغوجين.

صورة من فيديو نُشر في 1 يونيو 2023 لرئيس مجموعة «فاغنر» الروسية يفغيني بريغوجين مع أفراد من مجموعته خلال الانسحاب من باخموت الأوكرانية (رويترز)

في الوقت نفسه، يجد الكثيرون من الروس أن الأسلوب الفظ لبريغوجين، السجين السابق، غير مقبول. وهنا يجدر التذكير بأن المجتمع الروسي، رغم كل شيء يقال عنه، هو مجتمع عصري وحضري ويتبنى اقتصاد السوق بدرجة كبيرة.

ولذلك من غير المرجح أن تجد دعوات بريغوجين للتعبئة العامة، وللتضحية الشعبية الكبيرة من أجل تحقيق نوع من النصر، والعودة إلى الاقتصاد المخطط والعمل بعقوبة الإعدام وجعل حياة الشعب الروسي أشبه بكوريا الشمالية، قبولاً كبيراً.

وبصفته رئيساً لشركة عسكرية خاصة مخيفة مثل «فاغنر»، يقدم «طباخ الرئيس» نفسه بوصفه قائداً عسكرياً ناجحاً. لكنّ نجاحاته، وآخرها الاستيلاء على مدينة باخموت الأوكرانية، تحققت بخسائر فادحة في الأرواح، وهو ما اعترف به شخصياً، مع استخدام السجناء وقوداً لنيران الحرب.

مدينة باخموت دُمِّرَت على نطاق واسع بسبب المعركة الدائرة هناك منذ نحو 15 شهراً (أ.ف.ب)

تجول بريغوجين بين السجون الروسية وجند السجناء على أساس المشاركة في الحرب في أوكرانيا لمدة 6 أشهر مقابل إطلاق سراحهم، دون أن يستند هذا الاتفاق إلى أي أساس قانوني. ورغم كل هذه القيود، دخل بريغوجين قائمة مركز «ليفادا» للشخصيات العامة الموثوق بها في روسيا لأول مرة في مايو (أيار) الماضي، وحصل على 4 في المائة من الأصوات، مثل الرئيس الروسي السابق ديميتري ميدفيديف، وزعيم الحزب الشيوعي جينادي زيوغانوف.

وفي النظام السياسي الحالي، يمكن أن يكون بريغوجين ضد النخبة ويستفيد من ذلك شعبياً، ما دام يعمل لصالح بوتين. ولن يحتاج الأمر إلا إلى إشارة بسيطة من بوتين لكي يختفي رئيس «فاغنر» من الفضاء الإعلامي، وغيره من الفضاءات بالطبع، ولن يحدث في هذه الحالة تمرد شعبي ولا احتجاج من جانب السجناء الذين يعملون تحت رئاسته في «فاغنر».

كما يمكن إخماد كاريزما بريغوجين بالطريقة المعتادة في روسيا منذ انهيار الاتحاد السوفياتي. فعلى سبيل المثال كان التخلص من أي معارض شيوعي يتم عبر تحويله إلى مسؤول حكومي باهت بلا سمة مميزة، حيث كان يتم تعيينه في منصب اقتصادي، لكي يظهر أمام الشعب أنه كان يتحدث عن فشل الحكومة ومسؤوليها، فلما أُتيحت له فرصة تولي المسؤولية لم يحقق أي نجاح هو أيضاً.

وفي مثل هذا الموقف، سيكون من الأفضل بالنسبة لرئيس «فاغنر» العودة إلى صفوف «طهاة الكرملين»، لكنّ هذا المنصب لم يعد متاحاً بالنسبة له. فبعد أن حقق الرجل صعوده المهني عبر مذبحة دامية، لم تعد أمامه خيارات كثيرة يمكن أن تُرضيه. فبعد أن أصبح شخصية مشهورة تحظى بشعبية واسعة في البلاد، لن يقبل بالعودة إلى العمل في الظل مرة أخرى. و ربما تكون لدى زعيم المرتزقة الروس طموحات انتخابية، لكن من الصعب أن تتحقق هذه الطموحات في ظل غياب إجراءات انتخابية طبيعية في روسيا، وأيضاً لأنه شخصياً لا يعرف ماذا يريد.

أخيراً يقول كولسينكوف، وهو مؤلف سلسلة كتب عن السياسي الروسي أناتولي تشوباس، إن هناك أمراً واحداً مؤكداً وهو أن بريغوجين لن يستطيع إنقاذ الأمة الروسية، ولن يكون ونستون تشرشل الذي وعد أمته «بالدم والكد والدموع والعرق» لتحقيق النصر في الحرب العالمية الثانية، ربما لأنه لا يكون لدى السياسيين ذوي العقلية الديكتاتورية هدف سوى السلطة من أجل السلطة. كما أن أغلب الروس غير مستعدين للموت من أجل طموح شخص في السلطة ولا من أجل حياة تشبه الحياة في كوريا الشمالية.

[ad_2]

‫0 تعليق

اترك تعليقاً