تنظيم «موسم أصيلة الثقافي الدولي» هذا العام في دورتين… صيفاً وخريفاً

شارك هذه المقالة مع أصدقائك!

شكرا لقراتكم خبر عن تنظيم «موسم أصيلة الثقافي الدولي» هذا العام في دورتين… صيفاً وخريفاً

كبطلٍ عائدٍ من معركته منتصراً، دخل المغنّي الأسكوتلندي لويس كابالدي إلى مسرح مهرجان غلاستونبري في إنجلترا الأسبوع الماضي. قابله جمهوره بترحيب حارّ بعد غيابٍ قسري استمر ثلاثة أسابيع، انقطع خلالها كابالدي عن الحفلات بهدف الراحة والتعافي، على حدّ قوله.

لكن: ممَّ يتعافى فنان شاب حصد نجاحات عالمية وحطّم أرقاماً قياسية وجمع ثروة مليونية، وهو لم يتخطَّ بعد سنته الـ26؟

سرعان ما أتى الجواب خلال الحفل، حين بدأ صوت كابالدي ينكسر تدريجياً إلى أن اختفى تماماً. أما السبب فليس زكاماً ولا التهاباً ضرب حنجرته، بل حالة نفسية معروفة بمتلازمة «توريت» (Tourette Syndrome) مترافقة مع قلق شديد.

قبل سنوات قليلة جرى تشخيص كابالدي بإصابته بمتلازمة «توريت» (رويترز)

جمهور مساند ومتفهّم

بدا كابالدي متماسكاً خلال أدائه أغنياته الأربع الأولى في الحفل، إلا أن الأمور بدأت تفلت من يدَيه تدريجياً ما إن وصل إلى الأغنية الخامسة؛ كما لو أن صوته هرب منه رافضاً التجاوب معه. تزامناً، كانت عوارض «توريت» تتّضح أكثر فأكثر؛ إذ فشل المغنّي في السيطرة على حركاته اللاإراديّة، مثل رفّة الجفون المتكررة والتشنّجات العصبية العنيفة في كتفه.

كان لا بدّ لهذا الاستسلام لعوارض المتلازمة من أن ينعكس حزناً وخيبةً على ملامح كابالدي، الذي أمضى الجزء الأكبر من الحفل صامتاً وهائماً في أرجاء المسرح، تاركاً مهمة ملء الفراغ لعزف فرقته الموسيقية، ولأصوات جمهوره الذي لم يخيّبه كما فعلت حالته النفسيّة.

قبل أن يفقد السيطرة تماماً على صوته بسبب غرقه في العوارض العصبية التي انتابته، صارحَ كابالدي الحضور قائلاً لهم: «غلاستونبري، أنا متأسف حقاً، فأنا متضايق قليلاً مع نفسي. سأكون صادقاً مع الجميع… أنا بدأت أفقد صوتي. سنحاول أن نواصل حتى النهاية. أحتاج منكم فقط أن تغنّوا معي بأعلى صوت لو سمحتم».

أتى الردّ بالإجماع، فالعلاقة بين كابالدي وجمهوره صلبة وعلى درجة عالية من الإنسانية. لم يكن من المفاجئ بالتالي أن يهرعوا إلى إنقاذه من الموقف غير المريح. ففي حين كان يجوب زوايا المسرح من غير هداية، كانت 200 ألف حنجرة تردّد أغنياته بصوتٍ موحّد ومرتفع، وكأنها تقول له: نحبك وندعمك في كل حالاتك.

انتهى الحفل بوعدٍ قطعه كابالدي على الجمهور بأن يعود ما إن يسمح له وضعه بذلك. وأضاف: «أشعر بأنني سأحتاج إلى استراحة أخرى، وعلى الأرجح فإنكم لن تروني كثيراً خلال ما تبقّى من هذه السنة. لكن عندما أعود، آمل في أن تكونوا ما زلتم راغبين بمشاهدتي».

امتدّت موجة التعاطف مع لويس كابالدي إلى صفحات التواصل الاجتماعي، حيث وصفه عدد كبير من المتابعين بالبطل، بينما شكره آخرون على مشاركة معاناته النفسية على الملأ. أما هو فصرّح عبر حساباته الرسمية بأنه سيبتعد عن الحفلات إلى أجل غير مسمّى.

وفي بيان شكر فيه جمهوره، قال: «كنت أستمتع سابقاً بكل لحظة من تلك الحفلات، لكن في الحقيقة ما زلت أتعلّم أن أتكيّف مع عوارض حالتي النفسية. خلال الحفل الأخير، بدا واضحاً أنني في حاجة إلى تكريس مزيد من الوقت لترتيب أمور صحتي النفسية والجسدية».

«كيف أشعر الآن»

في أغنيته «How I’m Feeling Now» (كيف أشعر الآن)، يعترف كابالدي: «أنا محاصَر دائماً داخل رأسي… أحاول أن أقنع نفسي بأن أفضّل أيامي هي تلك الآتية… لن أكذب، أنا عبارة عن فوضى… كنت أظن أنني سأكون أسعَد».

لطالما فتح المغنّي أبواب روحه على مصراعيها، ليس عبر كلمات الأغاني فحسب، بل من خلال كل فرصة سانحة. فقد دأب كابالدي على مصارحة محبّيه بالأزمات النفسية التي يواجهها، وبالكدمات التي خلّفها عالم الشهرة على حياته. هو الذي دخل الساحة الفنية في الـ18 من عمره، لم يتأخر في حصد النجاحات.

كان في الـ19 يوم جمعت أغنيته الأولى «Bruises» ثمانية وعشرين مليون استماعاً على منصة «سبوتيفاي». ثم لحقتها «Someone You Loved» بعد سنتين، فرفعته إلى أعلى مراتب الشهرة. لكن كابالدي لم يستمتع طويلاً بانتصاره هذا، فقد حلّت جائحة كورونا لتعيده إلى منزل والدَيه المحبَين والداعمَين؛ بحثاً عن بعض الأمان.

هناك، هجس طويلاً بأغنية تستطيع أن تنافس ما أنجزته «Someone You Loved». شعر بضغط كبير وتزامن ذلك مع ظهور أولى ملامح القلق عليه. وقد اعترف بالأمر لاحقاً في وثائقي خاص به بثته «نتفليكس»، حيث قال إن قلقه بات خارج السيطرة، كما تحدّث بانفتاح عن نوبات الهلع التي تصيبه، موضحاً أن شعوره بانعدام الأمان يزداد كلما حقق مزيداً من النجاحات، وأنه ما زال لا يستوعب لماذا يحضر الناس حفلاته ويحبون «أغانيه الصغيرة التافهة».

كابالدي خلال إطلاق فيلمه الوثائقي على «نتفليكس» (إنستغرام)

نجوم هشّة…

ليس كابالدي الفنان الوحيد الذي وقف عاجزاً أمام الصراع بين الشهرة والآلام النفسية. فمثله كثيرون اضطرّوا إلى الخضوع لعلاجات منتظمة، وإلى الابتعاد قسراً عن الأضواء؛ حرصاً على استقرارهم النفسي، منهم المغنّون جاستن بيبر، وشون مينديز، وسيلينا غوميز، وبيلي آيليش، وديمي لوفاتو، وكايتي بيري.

في كل مرة يرفع فيها فنانٌ أو شخصية معروفة قناع النجومية لكَشف ما خفيَ تحته من معاناة روحيّة، يساهم في محو وصمة العار عن الأمراض النفسية والعصبيّة. ينشر الوعي، ويُلهم الآخرين ممّن يعانون الأمر نفسه بالتحلّي بالجرأة لمواجهة ما هم عليه.

هكذا يفعل لويس كابالدي، ولعلّ ردود فعل جمهوره المتعاطف لم تأتِ حباً به فحسب، بل استيعاباً لحالةٍ قد تصيب أي شخص وتجرّده من طاقته على مواجهة العالم بجرأة. وكأن الجمهور بات واعياً إلى هشاشة «النجوم»، ومستعداً للتسامح مع كدماتهم النفسية ومعاملتهم كأبطال كما حصل مع كابالدي.

[ad_2]

‫0 تعليق

اترك تعليقاً