شكرا لقراتكم خبر عن اكتشاف لوحة جدارية تعود إلى 2000 عام في بومبي
«لعنة تيتانيك»… بين الوقائع والخيال ونظريات المؤامرة
عام 2005، وبعد عودته من إحدى رحلاته الكثيرة إلى عمق المحيط لمعاينة تيتانيك، كتب عالِم البحار بول هنري نارجوليه رسالة إلى مكتشف حطام السفينة المنكوبة بوب بالارد قائلاً فيها: «من خلال خبرتي في الغوص إلى تيتانيك والمتواصلة منذ 11 عاماً، أؤكد لك أن قعر المحيط حول تلك الحطام ليس بالمكان الهادئ. غالباً ما يكون الأمر هناك أشبه بغسّالة الصحون»، لكثرة التيّارات المائية والعواصف الرمليّة في تلك النقطة.
بعد أكثر من 35 رحلة إلى الأعماق لزيارة حطام السفينة الأحبّ إلى قلبه، قضى نارجوليه في انفجار الغواصة تيتان، ومعه 4 مستكشفين آخرين. لكن حتى قبل أن يُعرف مصير الغوّاصة المفقودة، كانت نظرية «لعنة تيتانيك» قد طفت على سطح المياه. فبين الحقائق والأساطير، تبقى السفينة الأشهر عبر التاريخ محطّ فضول وريبة، رغم مرور 111 عاماً على غرقها شمال المحيط الأطلسي وتآكُل حطامها إلى درجةٍ باتت تهدّد باندثار آثارها.
تراجيديا متوارثة
ليس تَشابُه الأسماء حصراً ما برّر الربط بين «تيتانيك» و«تيتان». وليست وجهة الغوّاصة هي التي دفعت بالمتابعين إلى اعتبار السفينة الغارقة سبب البلاء. فثمّة تفاصيل غريبة تلتقي عندها الحكايتان، بدءاً من اعتبار كل من الغوّاصة والسفينة عصيّتَين على الغرق، وليس انتهاءً بصِلة القرابة التي تجمع بين زوجة أحد ضحايا تيتان وضحيّتَين من ركّاب تيتانيك.
فقد تبيّن أن زوجة ستوكتون راش، أحد مؤسسي شركة «أوشن غيت» المالكة لغوّاصة تيتان، الذي قضى على متنها، هي من سلالة أحفاد إيزيدور وإيدا شتراوس، وهما من بين غرقى تيتانيك. ورثت وندي ستوكتون التراجيديا عن جدَّيها اللذين خلّد المخرج جيمس كاميرون ذكراهما في فيلمه الشهير «تيتانيك»، حيث رفض هذا الثنائي الانفصال في لحظات الموت.
كاميرون نفسُه تحدّث عن «تشابهٍ صاعق وسريالي» بين مصيرَي الغوّاصة الشابّة والسفينة المئويّة. وقد لفت المخرج الكنَدي إلى أن قبطان تيتانيك تلقّى تحذيرات متكررة من وجود جبل جليديّ على مقربة من سفينته، إلا أنه تجاهلها وقرر الإبحار بأقصى سرعة في ليلةٍ ظلماء، ما أدّى إلى موت 1500 من الركّاب غرقاً. وأضاف كاميرون أن شركة «أوشن غيت» تعاملت هي الأخرى بلا مبالاة، مع تنبيهات عدّة حول أنظمة الأمان الخاصة بالغواصات التابعة لها.
نظرية «اللعنة» بين المؤامرة والواقع والخيال
ليس الكلام عن لعنة محيطة بسفينة تيتانيك مرتبطاً حصراً بكونها لاقت مصيراً دراماتيكياً وغرقت بعد أن اصطدمت بجبل جليدي؛ إذ يبدو أن ملامح الكارثة بدأت في الظهور حتى قبل الإبحار من ميناء ساوثهامبتون البريطانية باتجاه مدينة نيويورك عام 1912.
وفق الرواية التاريخية، فإن 8 من العمّال الذين شاركوا في بناء السفينة بمدينة بلفاست الآيرلندية، قضوا خلال أداء مهامهم. وتقول الحكاية كذلك إن حريقاً اندلع في خزّانات الفحم الخاصة بتيتانيك قبل إبحارها بلحظات، ولم تتمّ السيطرة على النيران إلا بعد مغادرة السفينة الميناء وتوجهها إلى المحيط الأطلسي. وقد ذهب عدد من المحللين إلى حدّ القول إن ذلك الحريق سهّل عملية الغرق لاحقاً، لأنه أضعف هيكل السفينة.
بالانتقال من النظريات الواقعية إلى تلك الخيالية، تحدّثت إحدى الأساطير عن وجود غطاء تابوت كاهنة الإله الفرعوني آمون رع على متن تيتانيك. وحتى بعد أن أعلن المتحف البريطاني أنّ أي غرض خاص بتلك المومياء لم يغادر المتحف حتى سنة 1990، جرى تناقل روايات عن أن لعنة تلك «المومياء الجالبة للنحس» هي التي حلّت على تيتانيك.
أما على خط المؤامرة، فتعددت النظريات. ووفق إحداها، فإن السفينة تعرّضت إلى تخريب متعمّد بهدف إغراقها من قبل المصرفي الأميركي جي بي مورغان، الذي كان يريد التخلّص من غُرمائه الأثرياء المسافرين على متن الرحلة؛ جاكوب أستور، بنجامن غوغنهايم، وإيزيدور شتراوس.
«تيتانيك لم تغرق»، هكذا تقول نظرية المؤامرة الثانية التي تؤكد أن السفينة التي غرقت فعلاً هي «أولمبيك» المملوكة من الشركة المشغّلة نفسها. أما الهدف من تبديل السفينتين وإغراق أولمبيك، فكان التخلّص من الأخيرة والاستفادة من أموال التأمين.
لا تتوقف نظريات المؤامرة عند هذا الحدّ، إذ يقتنع عدد كبير من المنظّرين بأن تيتانيك تعرّضت لهجوم من قبل غوّاصة ألمانية.
مغامرون نجوا بأعجوبة…
غوّاصات عدّة جذبها سحر تيتانيك، فكادت تلاقي المصير ذاته الذي لاقته تيتان، إلا أنها نجت في اللحظات الأخيرة. ففي عام 1991، نفّذت غوّاصتا «مير» روسيّتان 17 غطسة متتالية بهدف تصوير الحطام. أنجزت 16 غطسة بنجاح، لكن المحاولة الأخيرة انتهت باصطدام الغوّاصة بنتوء في القعر وبتعثّرها بمجموعة من الأسلاك، ما أسفر عن عجزها في الاتجاه صعوداً. لحسن الحظ، كانت الغواصة المرافقة على مقربة من الموقع، فوجّهت رفيقتها إلى الاتجاه الصحيح.
من جانبه، كاد المخرج جيمس كاميرون يخسر حياته خلال تنفيذه إحدى رحلاته لتصوير حطام تيتانيك قبل المباشرة في تنفيذ فيلمه. إذ واجه كاميرون والربّان عاصفة رمليّة في قعر المحيط، كادت تتلف بطاريات الغواصة خلال محاولات الصعود المتكررة. وبعد أن تمكنت الآلية أخيراً من الخروج من العاصفة، عادت لتهبط إلى القعر وسط ظلام دامس وحرارة منخفضة جداً. غير أن محاولات التحرّك الحثيثة نجحت في النهاية في إبعاد الغوّاصة عن منطقة الحطام المتقلّبة، وفي توجّهها صعوداً من جديد.
رغم تلك المخاطر، ما زالت «سياحة تيتانيك» تشهد إقبالاً، لا سيّما من الأثرياء الساعين وراء المغامرة والمجازفة. شركة «أوشن غيت» نفسها أطلقت خلال عامَي 2021 و2022 رحلات ناجحة للوقوف على أطلال تيتانيك، وكانت في جعبتها 18 رحلة مقررة خلال 2023. غير أن حادثة تيتان وضعت مصير الشركة وخططها في مهبّ عاصفة بحريّة عاتية، من الصعب النجاة منها.
[ad_2]